 |
| الطبيب غسان أبو ستة أثناء المؤتمر الصحفي بعد مجزرة المعمدانية |
خلال أربعة حروب مرت على قطاع غزة تواجد الطبيب الفلسطيني البريطاني
غسان أبو ستة في مستشفيات غزة يداوي جروح المصابين ويطبطب على كتف المدينة، ويحبس
دموعه حينما يذكر أطفالها وأحلامهم قبل أن تحترق بنيران القصف.
بعد زواجه بأسبوع اندلعت
الانتفاضة الثانية، فما كان من طبيب الحروب كما يلقب إلا أن يعود إلى غزة ليكون
بجانب زملائه متطوعا في مستشفى العودة في جباليا، وكذلك فعل في حرب 2009 و 2012
و2014 و 2021. وكذلك فعل في حرب 2023، ليقف الطبيب الجراح في المؤتمر الصحفي وسط
جثامين الشهداء بعد مجزرة مستشفى المعمدانية التي راح ضحيتها نحو 500 شهيد ليقول شهادته أمام العالم
"سمعنا صاروخ يتلوه انفجار، لنرى
الدمار في غرفة العمليات، ونرى الجثث والجرحى في غرفة الطوارئ".
الطبيب الفلسطيني الذي يحمل الجنسية البريطانية هو أستاذ متخصص في علم الجراحة، حصل على تعليمه الطبي في جامعة غلاسكو في المملكة المتحدة، وتخصص لاحقًا في جراحة القحف والجمجمة للأطفال وجراحة الحنك، في هذه الحرب قطع عهدا على نفسه أن لا يغادر قطاع غزة إلا بعد إعلان وقف إطلاق النار.
في اليوم التاسع عشر من الحرب كان الحديث مازال
يدور حول إمكانية مغادرة الأجانب القطاع إلا أنه رفض مجرد الفكرة، فالطبيب الذي
يتطوع بالذهاب إلى بلاده بالحروب لن يغادرها أجنبيا، يقول أبو ستة " قضيت
عمري أهرب من اللجوء لن أغادر فلسطين كبريطاني .. نحن باقون كالزعتر
والزيتون".
 |
| غسان أبو ستة |
في الوقت الذي يجري فيه أبو ستة أكثر من 12 عملية
يوميا في مستشفى الشفاء المهدد بالقصف، يجد وقتا ليوصل صوت غزة والجرائم المرتكبة
على أهلها وحجرها وشجرها، ولا يبخل في الظهور على وسائل الإعلام العربية والغربية،
ولا يتجنب أن يقول الحقيقة، لدرجة مضايقة الشرطة البريطانية لعائلته، حيث سألت
زوجته عن سبب ذهابه إلى غزة وثمن تذكرته واسم جمعيته.
الأسئلة والاتهامات توجهت لزوجة طبيب عمل في
مستشفيات لندن، وشارك في تأسيس برنامج طب النزاعات في معهد الصحة
العالمي في الجامعة الأميركية في بيروت وأصبح مديراً له، وهو محاضر شرف في مركز
دراسات إصابات الانفجار في جامعة إمبريال كوليدج في لندن، ومحاضر أول زائر في فريق
أبحاث الصراع والصحة في جامعة كينغز كوليدج في لندن، والمسؤول الطبي لمبادرة
الرضوح في المكتب الإقليمي لشرق المتوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية.
وإلى جانب هذه السيرة المهنية، للرجل توصيف دقيق لما يحدث لغزة وأهلها
في حرب 2023، حيث لا يكتفي باستعارة ما قاله مظفر النواب "أثانية
كربلاء" وهو يحبس دموعا تغالبه، بل يرى أبو ستة بأن ما يجري اليوم إحدى فصول
المشروع الاستعماري حيث يقول "نحن نعيش نكبة عام 1948، حيث أن النكبة التي
اخترعها الغرب واستخدم المشروع الصهيوني أداة لها، لم تكن حادثة بل هي صيرورة تاريخية، ومشروع
إبادة تاريخي يستمر الآن وهذا أحد فصوله، من يٌقتل الآن هم أحفاد من حاول المشروع الصهيوني
إبادتهم عام 1948، واليوم أتى المشروع ليجهز عليهم ويجهز على أبنائهم، وهذا المشروع
يرى بأنه يجب أن ينتهي من الشعب الفلسطيني حتى ينتهي من مقاومتهم".
هذا غسان أبو ستة الطبيب الذي ضمد جراح غزة في أربعة حروب، نقل وجعها
إلى العالم، ورفض أن يغادر فلسطين كأجنبي.. لتصبح حكايته مثل تلك التي نسمع عنها
في الخيال، لكنها حقيقة.
 |
| الطبيب غسان أبوستة أثناء عمله |
