صورة من شارة مسلسل "أحلام كبيرة" |
حينما
كنت أتابع مسلسل "أحلام كبيرة" الذي أنتج عام 2004 لم أكن أعلم أن العمل
سيبقى حلما أتمنى أن أعيش تفاصيله كلما جاء شهر رمضان، أتمنى أن أستنشق رائحة
الشهر التي كانت ترافق رمضان زمان.
زمان،
كان الشتاء يأتي بنكهة رمضانية حاملا معه دفئا روحاني، وكانت سوريا ترسل لنا دراما
تشبهنا وتشبه أحلامنا وأحلامها الكبيرة، الحارة الصغيرة، شكل طاولة السفرة، صوبة
البواري، قصص الحب المخبأة تحت وسادة الأحلام، تفاصيل وجوه الأمهات، وحنان الآباء
المستتر تحت نظارة بسمك عريض، سوريا كانت ترسمنا كل رمضان.
اليوم
كما غنت أحلامنا قبل ما يقارب الـ 20 عاما "كل شيء ضاق ..ضاق حتى ضاع"،
فغدت الدراما السورية مشتتة بين الأعمال المشتركة ونجومها لاجئين إلى حضن الدراما
المصرية، فقدت رائحتها، فلم يعد باسل خياط ذلك الشاب الذي يشبه أخونا المهندس، وحظ
رامي حنا لم يتسع له السباق الدرامي التجاري، وطيش قصي خولي غاب عن وجداننا ليقدم
للجمهور على أنه الخديوي وحبيب نادين نجيم، ومكسيم خليل لم يعد إلا ذلك الشاب
"الحليوة" الذي أحب سيرين عبد النور بـ "روبي".
ما زلت مسكونة بكلمات الشارة لذلك المسلسل قبل تسابق "نجوم" الفن الرديء
للسيطرة على أغاني الشارات، لا تغب عن البال عبارة "لم يبق للعشاق سوى اليأس"
كلما طل علينا اليأس الناتج عن قتل الياسمين، وكلما ضاقت المولات بالعشاق الباحثين
عن حديقة في الشام، أذكر العبارة وأتمنى أن يضمني حضن الأم سمر سامي كلما شاهدت
مسلسل لا تحمل وجوهه تجاعيد العمر وهموم الأب بسام كوسا.
ماتت
أحلامنا الكبيرة التي عرضت على الشاشة قبل عشرون عاما، ولم يبق لنا سوى الأخبار
العاجلة وسط حرارة مرتفعة تدفعنا لتخفيض أمنياتنا لتصل إلى حقنا في العيش، ولأن
يبقى اللون الأحمر مرتبط بالعشاق لا بالدماء وحرب تكتم نفس الحب والياسمين، لم
تهرم أحلامنا بل تحولت إلى كوابيس نتذكرها كلما شاهدنا شخصيات تصرخ في وجهنا أننا
لم نعد نحن.
كلما جاء رمضان أركض نحو "أحلام كبيرة" أستمع إلى أغنيتها، فأشعر وكأننا في فصل الشتاء، وأني ما زلت تلك العاشقة الصغيرة في عالم غير مفهوم أحمل في قلبي أحلاما كبيرة، أرددها وأنا أدندن "نامي اذا يا روحي فقد نفذ الكلام".