في أردننا الكثير من التجارب التي قدمت هذا الإرث بعمق تاريخي وصورة مشرقة، لدينا مثلا مشرع كإرث الأردن، الذي يدخل الزبون في جولة تراثية من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، يحكي عن الدروز والشركس في قائمة طعام، مع صوت موسيقى تراثية.
المشروع وأن ظهر تجاريا إلا أن "إرث الأردن" مشروع بحث وتوثيق، من بينها المطعم.
بعيدا عن المشاريع التجارية، في أردننا كتاب بحثي قائم على توثيق الإرث المحكي، اسم الكتاب "المعزب رباح- مداخل إلى تراث الإنتاج الفلاحي والبدوي وتقاليد الغذاء في الأردن" هذا الكتاب أعده المفكران ناهض حتر وأحمد أبو خليل، وفيه رحلة طويلة وجميلة من الشمال إلى الجنوب من خلال المائدة والتي ترتبط بشكل أساسي بأدوات الإنتاج وطبيعة الحياة، وكيف تتفاعل الموائد مع التنوع البشري في منطقة معينة وتصبح المائدة غنية أكثر، طبعا هذا الكتاب تكفل في إعداده وإنتاجه البنك الأهلي كجزء من المشاريع الثقافية، وهذه إشارة لدور القطاع الخاص في دعم الثقافة.
لا يجب مصادرة الأعمال والمحاولات مهما كانت أو منعها، ففي الوقت الذي غاب الإنتاج وغاب تفاعل الجمهور وجدت هذه الفجوة
المائدة جزء من الإرث والحضارة والتناغم مع المتغيرات هي إرث نصنعه للأجيال القادمة، من المائدة يمكن أن نحكي عن شكل إنتاجنا، طبيعة حياتنا، تنوعنا، يمكن الحديث عن التغير المناخي، والعولمة، والسياحة، والثقافة، وعلاقاتنا الاجتماعية.
في هذا الإطار يمكن أن نوثق إرثنا ونعكس شخصيتنا ونتفاعل مع واقعنا.
أما أن نقدم ذلك في "كوميديا" فهو فهم خاطئ لمعنى تجذير الإرث والتفاعل معه، والكوميديا عمل فني يحاكم ضمن إطار "الإخراج، التمثيل،النص، الإنتاج" لا يجب أن يحمل أكثر مما يحتمل، العمل الكوميدي يعجب البعض ويضحك عليه، أو ينتقده ويشعر أنه لا يضحك، هو أمر شخصي بحت يتعلق بالجمهور وما يريد، ولا يجب مصادرة الأعمال والمحاولات مهما كانت أو منعها، ففي الوقت الذي غاب الإنتاج وغاب تفاعل الجمهور وجدت هذه الفجوة، ومع وجود هذا التفاعل يعني تطور الأدوات والفهم والتفاعل مع الفن، لذا كل هذا الجدل إيجابي وهو خطوة إلى الأمام في الحراك الفني.