آخر المقالات

لن أعود إلى المدرسة اليوم


أفرح في "العودة إلى المدارس" ، لأنني لن أذهب إلى المدرسة اليوم ، ولن أضع في حقيبتي كتب حصص هذا اليوم، ولن أفكر في الواجبات التي لم أقم بحلها، ولا في القصيدة التي لم احفظها على الرغم من افتعالي محاولات لذلك، كان بطلها ألبومات كاظم الساهر والمنوعات المصرية.


لن أقف اليوم في الطابور الصباحي الذي لم يعلمني إلا الخوف من تقصير في الوقوف بشكل مستقيم، أو قصر في المريول، اليوم لن أخاف من حديث جانبي مع صديقتي ولن أجبر على أداء تمارين رياضية، وسأنشد "موطني" كما أريد حتى لو خرج عن ايقاع الزميلات.

استيقظت اليوم بضحكة ساخرة من حصة الرياضيات والمعادلات والأرقام، واجهت بضحكتي كوابيس مازالت تراودني بأني لم أنجح بعد في هذه المادة، اليوم أعيش تفاضلي الخاص وتكاملي الأجمل. لن أدرس مادة التاريخ في حصة الرياضيات هربا، اليوم أشاهد التاريخ وأتابع من سيكتبه، وسيكون في جعبتي الكثير لارويه لأبنائي، وربما أكذب كل ما سيدرسونه في كتبهم.

اليوم أشرب قهوتي على مهل وبهدوء، ولا أفكر في فسحة " فراغ" تهبها لنا حصة الفن والمهني والرياضة، أستمع إلى جميع الأغاني وأزور كل المعارض الجيد منها والرديء وأختار ما يعجبني دون إملاءات المناهج، ولا أختار أن أمارس الرياضة أمام الركض اليومي في العمل وتفاصيل الحياة. لن أكرر تجربتي الفاشلة في مادة اللغة الانجليزية التي كنت أنجح فيها بالمعدل العام دون أن أعرف كيف أركب جملة مفهومة، ولن أجبر على دراسة المعادلات الكيميائية والنظريات الفيزيائية، وجينات الأحياء التي لم أستفد منها في تفسير العلاقات بين الأحياء.

لا شيء يحفز الشوق عندي لتلك الأيام التي تنبذ الحب وأحلام المراهقة، وتعلمنا كيف نرفع أصابع الاتهام لكل المواعيد المغامرة على جدران المدارس، وتمزق الكتب الخارجة عن المنهج والأسئلة التي لا إجابات لها في تلقيننا المعلومة. تلك الأيام تعني تكسير أقلام "الكحلة" والاستغناء عن ألوان زاهية تزيًن الأظافر، والذهاب إلى الحلاق لأن هنالك قصة خاصة يقال أنها تليق في المدارس وانضباطها دون الإكتراث لأعداد المتسربين من المدارس وتلك التي لم ينجح بها أحدا.

لن أتنافس على امتلاكي قدرة أكبر من غيري على احتمال التلقين، ولن أشعر بالغيرة لأن حقيبة زميلتي أكبر وكتبها مجلدة بتجليد شفاف دون أي "طعجة"، ولن أفكر في الطريقة الأمثل لمواجهة ولي أمري بأن المدرسة تستدعيه لأنني ضحكة في حصة الجغرافيا على شكل خريطة ايطاليا، ولن أكره عريفة الصف "الفسادة" لأنها الأقرب للمعلمة.

اليوم لن أعود إلى المدرسة سأعيش يومي بكل حرية ،سأكثر الكحلة وسأزور معارض فنية وأسمع أغاني كاظم الساهر القديمة بصوت مرتفع، وسأتابع التاريخ من الزاوية التي أختارها، وسأسخر من القسمة الطويلة وسأضيع كل الأرقام التي في اليد، والأهم أنني لن أقف في الطابور.
هبة جوهر
بواسطة : هبة جوهر
صحفية ومعدة برامج رئيسية، عملت هبة في عدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية، حيث اكتسبت خبرة واسعة تمتد لأكثر من 10 سنوات في مجال الصحافة والإعلام المكتوب والمسموع والمرئي.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-